التعلّق بالله وحده
لمّا تَلَمّحتُ تدبير الصانع في سَوْقِ رزقي بتسخير السحاب وإنزال المطر بِرِفقٍ , والبذر دَفينٌ تحت الأرض , كالموتى , قد عفِنَ ينتظر نفخةً من صُور الحياة فإذا أصابته اهتزّت خضراً .
وإذا انقطع عنه الماء , مدَّ يدَ الطلب يستعطي , وأمال رأسه خاضعاً , ولبِسَ حُللَ التغيّر , فهو محتاج إلى ما أنا محتاج إليه من حرارة الشمس , وبرودة الماء ,ولُطف النسيم , وتربية الأرض فسبحان من أراني – فما يُربّيني به – كيف تربيتي في الأصل .
فيا أيتها النفس التي قد اطّلَعت على بعض حِكَمِه , قبيح بكِ – والله – الإقبال على غيره .
ثمَ العَجَب كيف تُقبِلين على فقير مثلِك , ينادي لسان حاله : بي مثل ما بكِ , يا حمام ! .
فارجعي إلى الأصل الأول , واطلبي من المُسَبِّب .
ويا طوبى لك إن عرفتيه , فإنّ عِرفانه مِلكُ الدنيا والآخرة